في المرآة
عامان على الحرب ..ونقض اليهود للعهود
يحيى الزيدي
مرّ عامان على حرب الإبادة التي شنتها قوات الإحتلال الإسرائيلي على غزة..عامان وما زالت آثارها حاضرة في كل مكان، وفي وجدان كل إنسان.. عامان من القتل إلى الصمود، ومن الألم إلى الأمل، ومن الدمار الى الخيم ،ومن الجوع والتهجير إلى التحمل والتدبير .
نعم هكذا عاش الغزيون على مدى أكثر من 730 يوما.. عاشوا المعاناة بكل تفاصيلها ( قتل، قصف، تدمير، حصار، إعتقال، نزوح، جوع ومرض).
كل هذا جرى لأن اليهود ليس لهم وعود وعهود على مر السنين.
إن من أخطر وأعظم هذه الصفات التي عُرف بها اليهود على الإطلاق، والتي سجلها عليهم التاريخ على صفحاته، وأثبتها لهم الله تعالى في القرآن الكريم هي نقض العهود والمواثيق. وهي صفة ملازمة لهم. يقول الله تعالى: ( أَوَ كُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ).
فقد نقض اليهود عهودهم ومواثيقهم مع الله تعالى ومع أنبيائه عليهم السلام، ومع المسلمين من بعد ذلك عبر التاريخ إلى العهد القريب.
والمتتبع لتأريخ اليهود قديماً وحديثاً يرى أن صفة " نقض العهود " الدنيئة طبيعة في شخصيتهم وسلوكهم.
كم مرةٍ عضَّ اليهود يداً إمتدت إليهم بالسلام ! وكم مرة نقض اليهود عهوداً أبرموها، ومواثيق عقدوها !
نعم ..بعد عامين من الإرهاب الصهيوني ضد المدنيين في غزة ، فشل ( نتنياهو) بفضل الله أولا ثمّ بفضل صمود أهالي غزة، في مخططاته الإجرامية السيئة.
فشلت خططهم السوداء في ترحيل أهالي غزة، بل وفشلت كل عملياتهم الإجرامية، في القطاع.
سقطت صواريخهم "السوداء" على غزتنا "البيضاء"، لتهب كل رياح المسك والعنبر من أجساد إختارها الله سبحانه وتعالى لتدخل جنته من أوسع أبوابها.
ضحايا غزة أوصلوا رسائل إلى جهات العالم الأربع وقاراته تقول : إن اليهود و الأمريكان بلا حضارة، ولاقيم لديهم، خطّاؤون ومجرمون وقتلة.
لقد ارتكب المجرمُ (نتنياهو) ومَن تحالف معه جريمةَ اخرى تضاف الى جرائمه التي استمرت عامين ، والتي راح ضحيتها أكثر من 236 ألف شهيد وجريح ،أغلبهم من النساء والأطفال ،إضافة الى فقدان 10 الاف آخرين ،فضلا عن تدمير البنى التحتية للمدينة.
لقد رأينا في هذه الحرب نذالة الصهاينة وخسة أوليائهم وأعوانهم، ما يزيد من حجم المأساة الإنسانية ويُعمق الأزمة التي يعيشها الفلسطينيون بغزة تحت وطأة الحصار والعدوان المستمران.
أقول ..منذ متى كان لليهود والصهاينة أية عهود، والقرآن الكريم وصفهم فى الكثير من آياته بانهم ينقضون العهود.
وعاهدهم النبي محمد ﷺ فكانوا ينقضون عهدهم في كل مرة.
ما من أمةٍ من الأُمم تناول القرآنُ تفصيل نشأتها، وتاريخ تكوينها، وبيان أحوالها، وخصائص شخصيتها، ودقائق مواقفها، ودخائل نفوس أفرادِها - مثل أمةِ اليهود.
لقد تكرَّر ذكر اليهود، وبيان حالِهم، في أكثر من سُوَرة في القرآن الكريم.
قال الله تعالى في سورة الأنفال مجليا حقيقة عُهودهم ومواثيقهم: {الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ}.
هذه شهادةُ القرآن الكريم، فما هي شهادةُ الواقع على هؤلاء الأقوام؟
اليهود قوم بهت، خونة، وحين ينقضون العهود لا ينقضها جميعُهم في وقت واحد، وإنما ينقضها فريقٌ دُون آخر، فإن أصابه سوءٌ تظاهَر الفريق الآخَرُ بالمحافظةِ على العهدِ، وإن استقامَ لهم الأمرُ، تتابَعوا في النقض، ومشى بعضهم وراء بعض.
لقد عاهَدهم الرسول صلى الله عليه وسلم وكتبَ بينه وبينهم كتابًا حين وصل المدينة، فهل التزمَ اليهودُ العهدَ، واحترموا الميثاق؟ كلا، فقد غدرَ يهود بني قينقاع بعد غزوة بدر وانتصار المسلمين على المشركين، والمعاهدة لَم يمضِ عليها إلا سنة واحدة، وغدرت يهود بني النضير بعد غزوةِ أُحُد، وتجرؤوا على المسلمين بعدما أصابهم في غزوة أحد.
وغدرت بنو قريظة عهدَهم في أشدّ الظروف وأحلَكِها على المسلمين يوم الأحزاب، فإذا كانت هذه أخلاقُهم مع مَن يعلمون صِدْقَه، ويعتقدون نبوَتَه، فهل يُرجَى منهم حفظُ العهودِ مع الآخرين؟!
واليوم الواقعُ اليهوديُ يصدِّق ما أخبرنا اللهُ سبحانه وتعالى عنهم.
اللهم عليك باليهود المحتلين ومن لف لفهم .. اللهم احفظ أهل فلسطين والمسجد الأقصى من كيد الظالمين المحتلين.. اللهم أجبر كسرهم، واشف جرحاهم ومرضاهم، وتقبل شهدائهم برحمتك، وارزق ذويهم الصبر والسلوان.