
المنهج وليس فكرة الافراد
د. عبد الهادي الزيدي
من ينظر بإنصاف أو إذا شاء مراجعة نظريات الإسلام في الاقتصاد والإعلام وتنظيم المجتمع وحقوق الإنسان والحفاظ على البيئة وفي متابعة التعلم ومواكبة التطور الحضاري وغير ذلك يجد الكثير من ركائز التقدم وأسباب التطور التي تصلح لكل عصر .
إن من أهم دوافع المناداة بفصل الدين عن الدولة مما اطلعنا عليه ، هو الوقوف عند حدود إلقاء أخطاء الأشخاص على المنهج ، فيطغى سلوك الفرد غير المتزن على المنهج المتوازن فيشوهه ، ونحسب أن هذا ليس من المنطق العلمي في شيء . فإذا كان في بلداننا اليوم من نادى بالإسلام – شخصيات أو أحزاب - ثم اتضح أن سلوكه الفكري أو السياسي يخالف ذلك فهذا يجب أن لا يدعونا للمطالبة بأمور غير منصفة وبعيدة عن الحقيقة وربما تبرز أخطاؤها القاتلة فيما بعد ، فنظلم أنفسنا وغيرنا . وربما يدفعنا الحماس الزائد إلى مصادرة آراء الآخرين وعينا ذلك أم لم نعي .
وإذ يتمسك بعض آخر بفكرة الفصل استنادا إلى ما يرى من تنوع مذهبي أو فقهي فيقول : بأي إسلام نأخذ ، فالأمر في الحقيقة لا يتجاوز ما ذكرنا آنفا من وجوب التمسك بالمنهج والعودة إلى الأصل فنحتكم إليه وإذا ما جردنا أنفسنا وعقولنا من الأهواء وعدنا إلى العقل وجدنا الأجوبة الشافية في القرآن وفي سيرة الرسول – صلى الله عليه وسلم- الكثير من الدروس التي تصلح منهجا لأي مجتمع معاصر . كما يجب النظر بعقلانية إلى أن الكثير من الدول المتقدمة لم تصبح كذلك بفصلها للدين عن الدولة ، بل بأمور أخرى وسلوكيات أهلّتها لذلك ومن ينظر إلى دور الدين لدى ( الصقور) في أمريكا والأخذ برأي الدين في (إسرائيل) يجد دلائل واضحة على ذلك وهي تشير في مجموعها إلى ان (الأيدولوجيات) الدينية تتنامى وتحتل اهتماما متزايدا في العالم ، مما يجعل الدعوة لإبعاد الإسلام عن السياسية ما يشبه تغريداً خارج سرب الحياة وعامل تفرقة جديد للأمة في الوقت الذي يجب ان نلتف حول كل ما يوحدنا ، كما إن في تجارب دول إسلامية عدة الكثير من علامات نجاح مجتمع متقدم ، إضافة إلى إن إقصاء الإسلام خسارة كبيرة للفرد والمجتمع لكوننا نضيع عامدين كنزا ثمينا للوحدة للتقدم والبناء، إن الوحدة التي ندعوا إليها هي وحدة حقيقية ليس فيها ما يدعو إلى سخط الله وتضييع الناس في رؤى وأفكار مصيرها الفشل الذريع .
إذ على الإنسان أن ينظر مليا إلى أبعد بكثير من موطئ قدميه فهذا الكون المنظم ، وهذا الكائن الراقي المشحون بالعطاء لم يخلق عبثا ثم تذهب كل إنجازاته سدى .